Mar 16, 2011

#BDS: معوّقات مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان


سماح إدريس
هذه المقالة غير مبنية على تنظير مجرد، بل نتاج عمل خضته مع رفاق آخرين في الساحتين اللبنانية والعربية، وما زلت أخوضه وإن بعزيمة أوهن بسبب معوّقات كثيرة ستكون هي موضوع السطور الآتية. 

أول معوّقات عمل المقاطعة في لبنان هو عدم وجود «ثقافة مقاطعة» راسخة في الوعي والأذهان، على الرغم من تعرض بلدنا لموجات متلاحقة من مختلف أشكال المقاومات المعادية لإسرائيل ـ فلسطينية، لبنانية، عسكرية، مدنية، قومية، ماركسية، إسلامية، مختلطة... إلى آخره. فالحق أن مقاطعة الشعب العربي للشركات الداعمة لإسرائيل بين عامي 1948 (تاريخ نشوء الكيان الغاصب) و1993 (تاريخ توقيع اتفاقيات أوسلو المشؤومة) لم تأت نتيجة لقناعة شعبية مسنودة إلى أبحاث تبيّن كيفية دعم هذه الشركات للعدو، بل أتت انسياقاً مع قرار النظام الرسمي العربي (وممثلة جامعة الدول العربية) القاضي بعدم السماح للشركات العاملة في الكيان الصهيوني بالعمل في البلدان العربية. وحين انفرطت المقاطعة الرسمية العربية مع توقيع اتفاقيات أوسلو ووادي عربة (بعد كامب ديفيد)، لم يجد الناشطون العرب المناصرون لقضية فلسطين ما يستندون إليه من معلومات ووثائق يواجهون بها المستسلمين ومثقفي السلطة ويبيّنون لهم ضلوع الشركات المذكورة في دعم إسرائيل. لقد كانت مقاطعة العرب لإسرائيل وداعميها حتى العام 1993 من قبيل «تحصيل الحاصل»، لأن الدولة العربية بأسرها كانت تقاطع العدو (هذا إذا وضعنا جانباً الاتفاقات واللقاءات السرية بين رؤوس بعض الأنظمة العربية وقادة العدو منذ ما قبل ذلك العام بكثير). بيد أن الوضع تغير جزئياً بعد العام 2002، وذلك ببروز حملات مقاطعة شعبية، غير مرتبطة بأي نظام، ترتكز في عملها على الأبحاث والإحصاءات والأرقام، وفي طليعتها «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل ـ لبنان» (لقراءة بعض وثائقها ونشرتها، راجع موقع مجلة «الآداب»).

المعوّق الثاني لعمل مقاطعة الشركات الداعمة للكيان الغاصب في لبنان (كنستله وكاتربيلر وماكدونالدز وكوكا كولا واستيه لودر وبير غركنغ وهاسبرو...) هو أن المقاومة الوطنية اللبنانية نفسها، بجناحيها القومي ـ اليساري والإسلامي على السواء، لم تتبن المقاطعة إلا لفظاً في أحسن الأحوال. فحزب الله لم يمارس فعل المقاطعة في معظم الحالات، ولا سيما ضد شركة سويسرية كبرى داعمة للعدو، على الرغم من تقديمنا المعلومات اللازمة إلى عدد من مسؤوليه؛ ولطالما سمعنا من أنصار الحزب من يسخفنا قائلاً إن الحزب يكفيه شرفاً أنه حارب إسرائيل بالسلاح، فكان جوابنا دوماً: سيكون أشرف له بالتأكيد أن يقاتل إسرائيل باليد اليمنى وأن يقاطعها باليد اليسرى، بدلاً من أن يقاتلها بالأولى ويسهم بالأخرى ـ على الرغم من حسن النيات ـ في التغطية على داعميها! وأما الأحزاب القومية ـ اليسارية، فكان دعمها للمقاطعة خجولاً، يكاد ينحصر في طباعة الكتيبات والمشاركة في بعض الاعتصامات أمام ستاربكس وماكدونالدز (يُستثنى من هذا التعميم بعض الناشطين المتفانين في حركة الشعب واتحاد الشباب الديموقراطي ومنظمات شبابية قليلة أخرى كـ«شباب ضد التطبيع»). 
إقرأ/ي المزيد

No comments:

Post a Comment