Dec 6, 2010

#BDS: مبادئ جزر القمر

منذ نشوء دولة الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين في العام 1948، وهناك محاولات دؤوبة من قِبل المحتل للحصول على ما يُعرف باسم «التطبيع»، والذي يعني جعل الشيء طبيعيًّا، ويُقصد به هنا تحويل العلاقات بين إسرائيل والدول المعادية إلى حالة العلاقات الطبيعية، فيصير هناك تمثيل دبلوماسي، وعلاقات اقتصادية، وزراعية، ونفطية، وأمنية، ودفاعية، بل وحتّى سياحية.
وفي هذا السياق قامت أغلب الحكومات العربية برفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي مرّات عدة، وقامت أغلب الشعوب العربية برفضه دائمًا، وبشكل قاطع، معتبرين العدو عدوًّا، والصديق صديقًا، والدم دمًا لا يُستهان به، ويرفضون أن يجرّهم العدو الإسرائيلي لمعسول وعوده بالسلام الذي مازال يوعدنا به طوال العقود الفائتة، ولم نرَ منه غير الحرب! ويرفضون كذلك أن يخدعهم العدو فيسوقهم لسرقة مقدراتهم، وثرواتهم، ويستفيد منها ليعطيهم الفتات في المقابل. في حين أدرك الكثيرون من الطبقات المفكرة في الأمة أن هذه المحاولات الصهيونية الخبيثة ما هي إلاَّ طريقة لجرّنا إلى أن يصبح الجندي العربي حارسًا لإسرائيل ساهرًا على أمنها، وفي ذات الوقت يحاصر أهله ويحارب إخوته المجاهدين، ويطاردهم في كل مكان! في ظل هذه العلاقات «الطبيعية» التي تحول كل ما هو طارئ ودخيل إلى «طبيعي»، وكل ردة فعل إنسانية طبيعية تتحوّل إلى «عدو» يجب ملاحقته!
وقد لفت انتباهي مؤخرًا مقابلة تلفزيونية تمت مع عبدالله سامبي رئيس جمهورية جزر القمر الاتحادية -هذه الدولة العربية المهمّشة والتي تعد من أفقر دول العالم- وهو يشرح كيف رفض عرضًا إسرائيليًّا سخيًّا بملايين الدولارات شهريًّا، إذا وافق على التطبيع مع إسرائيل، رغم أن جزر القمر ليس لها وزن سياسي يُذكر في الشرق الأوسط، أو حتى في العالم! وكان المثير للاهتمام أن إحدى حججه في رفض التطبيع تتعلّق بالإرادة العامة لشعبه، واحترامه لرأي الشارع، واستدل على ذلك بأن الشعب القمري هاج وماج، وعمّته الاعتراضات عندما حاول مَن كان قبل سامبي في السلطة إقامة علاقات «طبيعية» مع إسرائيل، وبالتالي يقول: “أنا لن أطبّع؛ لأني هنا لأخدم شعبي”.
وإذا أخذنا في عين الاعتبار الفقر المدقع في جزر القمر، سنرى أن هذا النموذج ليس فقط مثيرًا للإعجاب والأنفة، بل هو كذلك حجة على الدول الأغنى أيضًا. أمّا الموقف الأكثر تأثيرًا في المقابلة فكان حين سأله المذيع: ألا تخشى من أن يتم إزاحتك من السلطة؟ فما كان منه إلاَّ أن كرر رفضه للتطبيع، ورد عليه بقوله: «أنا رجل صاحب مبادئ».

No comments:

Post a Comment